الأربعاء، أبريل 06، 2011

شاب المقهى

وجوه عديدة متنوعة ، أفراد أو مجموعات .. لا فرق كبير بين الناس هناك و كل الأيادي مشغولة بسيجارة أو بشيشة .. صوت غسيل الأكواب و لعب الدومينو يصدر ضجيجاً ممتعاً ، نوع من الضوضاء المحببة . الصورة كاملة بكل عناصرها ، استشعرت نفسي "لينا" في رواية مقهى الحرية .

أحدهم يجلس منفرداً في مواجهتي ، رجل يبدو في الثلاثينات من عمره ، ملامحه مصرية بشدة .. أسمر اللون وأسود الشعر ، يدخن سيجارته و يقرأ في جريدة "المصري اليوم" و لا يمنعه هذا من النظر إلىُّ بإمعان .. ينظر إلىّ ثم يأخذ نفساً عميقاً من سيجارته كأنه ينتقم أو يتحدى ، و يرتشف من قهوته بين الحين والآخر . إحساس الغضب و الضيق لايمكن إخفاءه أو إنكاره .

كم هو سيء أن يقتحم أحد عالمك و عزلتك و تضطر لاصطناع ابتسامة و إلقاء التحية .. أعلم ذلك ، اُعذر القهوجي فهو يبدو وحيداً لا يعلم عائلة سوى زبائن المقهى .

رجل في الثلاثينات يجلس في مقهى الساعة الواحدة ظهراً و يٌبدي امتعاضه من الحياة ، ربما يكون قد فقد عمله أو لم يجد عملاً أصلاً و ربما يكون قد فقد حبيبته أو لم تكن له حبيبة قط ! كل الاحتمالات جائزة ماعدا احتمال واحد ؛ هو أن يخرج من قوقعته الطفولية الرجولية و يحدّثني . يبدو أنه اندمج مع الجريدة و انشغل بها عني ، أو تشاغل بها منعاً لقصص قد تطول يبدو أنه في غنى عنها .

اهتمامه بقراءة الجريدة و انهماكه أزال بعض الضيق لديه ، ربما شعر أنه شخص مهم أو ربما وجد شيئاً أثار انتباهه فيما يقرأه .

ماذا في تلك الجريدة ؟ احك لي ..

يقطعني صوت ملمع الأحذية عندما ينادي على أشرف ، أشرف الذي ربما يكون القهوجي أو ملمع الأحذية الآخر أو بائع النظارات ، لا أدري .. و يزعجني حقاً عندما يسعل بشدة ، أشعر أنني في مشفي و أن أحدهم على وشك الموت !

أمهمة هي تلك الجريدة إلى هذا الحد ؟!

انضم إليه صديق و مازال لا يبدي اهتمام ، كالطفل أنت لا يعجبك سوى ماهو لامع و مبهر أو أن تصطنع نفسك رجلاً و تقلد الكبار .. يبدو أن شيئاً ما فعلاً أثار انتباهه فيما قرأه و أخذ يحكي عنه باستفهام للرفيق ، ثم عاد يقرأ مرة أخرى . و ها هو صديقه الآن ينظر إلىّ ..

حسناً أيها الرجل المهم المهتم بأخبار العالم ، لقاءك ممتع و استكشافك أمتع .. يكفي هذا لليوم ، سلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق